1    تُعتبرُ قضيّةُ تغيُّرِ المناخِ وتصاعُدِها السريعِ مصدرَ قلقٍ عالميٍّ، يجتاحُ العقولَ والقلوبَ على حدٍّ سواءٍ. إنَّها ليسَتْ مجرّدَ تحذيراتٍ عِلميّةٍ تتجلّى في أرقامٍ وإحصائيّاتٍ، بلْ هِيَ واقعٌ ملموسُ ينعكسُ على حياتِنا اليوميَّةِ. يعكِسُ جُنونُ المناخِ تَغيُّراتٍ جوهريّةً في الكوكبِ، مُهدِّدًا بِتَبِعَاتٍ عميقةٍ تشملُ البيئةَ والاقتصادَ والحياةَ الإنسانيَّةَ.   

2    جنونُ المناخِ هوَ مُصطلحٌ يُستخدَمُ لوصفِ التغيّراتِ المناخيّةِ السريعةِ وغيرِ المتوقَّعةِ، كزيادةٍ مُفاجئةٍ في درجاتِ الحرارةِ، أوْ هُطولِ أمطارٍ غزيرةٍ جدًّا، أوْ تَغيُّراتٍ مُفاجِئةٍ في الظروفِ الجويَّةِ؛ تسبِّبُ تأثيراتٍ كبيرةً ومُدمّرةً على البيئةِ والمجتمعاتِ.

أسبابُ جنونِ المناخِ:

3    تعودُ أسبابُ جُنونِ المناخِ إلى الأنشطةِ البشريَّةِ، إذ يُعَدُّ احتراقُ الوقودِ الأحفوريِّ والصناعاتُ الثقيلةُ مِنْ أبرزِ مصادرِ انبعاثاتِ غازاتِ الاحتباسِ الحراريِّ، مثلَ ثاني أكسيد الكربون والميثانِ. هذهِ الغازاتُ تتجمَّعُ في الغلافِ الجوِّيِّ وتعملُ على زيادَةِ احتباسِ الحرارةِ، وارتفاعِ درجاتِ الحرارةِ العالميَّةِ.

4    تأثيراتُ جُنونِ المناخِ:

أ. اِرتفاعُ درجاتِ الحرارةِ: يُؤدّي ارتفاعُ درجاتِ الحرارةِ إلى ذوبانِ الجليدِ في المناطقِ القطبيَّةِ، وزيادةِ حجْمِ المياهِ في البحارِ والمحيطاتِ؛ ممّا يُهدِّدُ السواحلَ والمناطقَ الساحليَّةَ بارتفاعِ مستوى سطحِ البحرِ.

ب. تكرارُ الظواهرِ المناخيّةِ المتطرّفةِ: يَشْهَدُ العالمُ اليومَ زيادةً في تكرارِ شدّةِ الأحداثِ المناخيَّةِ المتطرّفةِ مثلَ الأعاصيرِ والفيضاناتِ، والحرائقِ والجفافِ؛ ممّا يتسبّبُ في خسائرَ بشريَّةٍ ومادّيّةٍ جسيمةٍ.

ج. تأثيرٌ على البيئةِ الطبيعيّةِ: يُؤثَّرُ جُنونُ المناخِ على التنوُّعِ البيولوجيِّ، إذْ يتسبَّبُ في انقراضِ العديدِ مِنَ الكائناتِ الحيّةِ، حيثُ يتعذَّرُ عليها التكيُّفُ مع سرعةِ التغيُّراتِ.

د. أثرٌ اقتصاديٌّ واجتماعيٌّ: يُؤدّي جُنونُ المناخِ إلى تعطيلِ البُنيةِ التحتِيَّةِ والقطاعاتِ الاقتصاديَّةِ مثلَ الزراعةِ والصناعةِ والسياحةِ؛ ممّا يُؤدّي إلى تدهورِ الحياةِ اليوميّةِ وزيادةِ التفاوُتِ الاقتصاديِّ، بالإضافةِ إلى ذلِكَ، قد تَنْجُمُ عن هذهِ الظروفِ احتمالاتٌ لنُشوبِ نزاعاتٍ، وتزايدُ حالاتِ نُزوحِ السكّانِ.

5    مواجهةُ تحدّياتِ جُنونِ المناخِ:

6    إِنَّ جُنونَ المناخِ يُشكِّلُ تهديدًا حقيقيًّا للكوكبِ وللأجيالِ الحاليَّةِ والمستقبليَّةِ. ويتَطَلَّبُ مُواجهَةً هذا التحدّي بتَضافُرِ جُهودِ الجميعِ من حكوماتٍ ومؤسّساتٍ دوليَّةٍ وأفرادٍ، فإنْ لمْ نتصدَّ لهذا التحدّي بجدّيّةٍ وسرعةٍ، قدْ تكونُ تلكَ الكوارثُ المناخيَّةُ المتصاعِدَةُ ليستْ سِوى بدايةٍ لمشاكلَ أكبرَ وأكثرَ تعقيدًا. لِنَكُنْ جميعًا على قدرِ المسؤوليّةِ في العملِ معًا؛ للحفاظِ على مُستقبلِ كوكبِنا وضمانِهِ للأجيالِ القادمةِ.

إعداد المؤلّف