قِراءَةُ النَّصِّ

أَبو صابِرٍ

       مَدْرَسَتي تَقَعُ على ناحِيَةِ ٱلشّارِعِ ٱلْمُقابِلِ لِمَنْزِلي، وَأَنا أُحِبُّ مَدْرَسَتِي، وَلي فيها أَصْدِقاءُ كُثُرٌ، وَكُلَّ يَوْمٍ أَتَعَلَّمُ فيها أَشْياءَ جَديدَةً وَمُفيدَةً.

    بَيْنَ مَنْزِلي وَمَدْرَسَتِي طَريقٌ لِلسَّيّاراتِ، واسِعٌ وَعَريضٌ، وَعِنْدَ طَرَفَيِ ٱلشّارِعِ إِشارَةٌ كَبيرَةٌ: (اِنْتَبِهْ: مَدْرَسَةٌ!).

    اَلسَّيّاراتُ ٱلَّتي تَعْبُرُ ٱلطَّريقَ تُخَفِّفُ مِنْ سُرْعَتِها كَيْ لا تُشَكِّلَ خَطَرًا عَلى ٱلتَّلاميذِ ٱلْعابِرينَ، وَخاصَّةً عِنْدَ ٱلصَّباحِ وَقْتَ دُخولِ ٱلْمَدْرَسَةِ، وبَعْدَ ٱلظُّهْرِ عِنْدَ خُروجِهِمْ مِنْها عائِدينَ إِلى بُيوتِهم. وَلٰكِنْ هُناكَ بَعْضُ ٱلسّائِقينَ لا يَهْتَمّونَ بِذٰلِكَ وَيَقُودُونَ سَيّاراتِهِمْ بِجُنونٍ.

    مُعْظَمُ أَصْدِقائي يَأْتي آباؤُهُمْ لِاصْطِحابِهِمْ مِنَ ٱلْمَدْرَسَةِ، أمَّا أَنا فَقَدْ كُنْتُ أَفْتَخِرُ بِأَنَّ بَيْتِي قَريبٌ قَريبٌ، فَلا أَسْتَيْقِظُ بِوَقْتٍ مُبْكِّرٍ جِدًّا، وَأَصِلُ إِلى ٱلْبَيْتِ بِسُرْعَةٍ، وَبِذٰلِكَ لا تُزْعِجُنيِ ٱلسَّيّاراتُ وَلا زَحْمَتُها، وَلا أَتَأَخَّرُ بِٱلذَّهابِ إِلى ٱلْمَدْرَسَةِ وَبِٱلْعَوْدَةِ إِلى ٱلْبَيْتِ.

    بَعْضُ ٱلأَصْدِقاءِ يَحْسِدونَني عَلى ذلِٰكَ، وَيَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَكونَ بَيْتُهُمْ قُرْبَ ٱلْمَدْرَسَةِ.

    مُشْكِلَتي ٱلْوَحيدَةُ هِيَ عُبورُ ٱلطَّريقِ، فَأَنا أَخْشى ٱلسَّيّاراتِ كَثيرًا، وَأَخْشى مِنْ سائِقٍ مُتَهَوِّرٍ يُسْرِعُ دونَ أَنْ يَهْتَمَّ بِوُجودِ تَلاميذَ صِغارٍ، وَلِذٰلِكَ عِنْدَما أُريدُ عُبورَ ٱلشّارِع مِنْ جانِبٍ إِلى آخَرَ أَنْظُرُ في كُلِّ ٱتِّجاهٍ، وَبَعْدَ أَنْ أتَأَكَّدَ مِنْ عَدَمِ وُجودِ سَيّارَةٍ قَريبَةٍ أُسْرِعُ راكِضًا نَحْوَ ٱلْجانِبِ ٱلآخَرِ.

    قُرْبَ بَيْتي يوجَدُ دُكّانٌ صَغيرٌ يَشْتَري ٱلْجيرانُ مِنْهُ حاجاتٍ مِنْ خُضارٍ وَفاكِهَةٍ وَمُثَلَّجاتٍ...

    صاحِبُ ٱلدُّكّانِ (أَبو صابِرٍ) يُحِبُّ ٱلأطْفالَ كَثيرًا. عِنْدَما يَأْتونَ في ٱلصَّباحِ، وَعِنْدَ ٱنْتِهاءِ ٱلدَّوامِ؛ يُساعِدُ ٱلأَهالي وَٱلأَبْناءَ لِيَضَعوا سَيّاراتِهِمْ بِشَكْلٍ جَيِّدٍ، فَلا يُعَرْقِلونَ ٱلسَّيْرَ، وَكانَ يَسْمَحُ لِلْجَميعِ بِأَنْ يَقِفوا أَمامَ مَحَلِّهِ بِٱنْتِظارِ أَوْلادِهِمْ، وَكَانَ يَتْرُكُ دُكّانَهُ أَحْيانًا؛ لِيُنَظِّمَ ٱلسَّيْرَ عِنْدَما يَشْتَدُّ ٱلزِّحامُ.

    (أَبو صابِرٍ) يُحِبُّ تَلاميذَ ٱلْمَدْرَسَةِ، يُحِبُّ آباءَهُم، يُحِبُّ ٱلْمُدَرِّسينَ، يُحِبُّ ٱلْمَدْرَسَةَ، وَلَمْ يَكُنْ يَبيعُ ٱلتّلاميذَ ما يَضُرُّهُمْ مِنْ حَلْوَياتٍ رَخيصَةِ ٱلثَّمَنِ وَضارَّةٍ لِصِحَّتِهِم.

    وَفي إحْدى ٱلْمَرّاتِ كُسِرَتْ رِجْلُ أَبي صابِرٍ وَهُوَ يُحاوِلُ مُساعَدَةَ ٱلتَّلاميذِ في عُبورِ ٱلشّارِعِ، فَقَدْ صَدَمَتْهُ سَيّارَةٌ مُسْرِعَةٌ.

    نَسيتُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ عَنِ ٱسْمي، أَنا ٱسْمي (صابِرٌ).